حدّثنا النوري بن غبريت قال: كان التلميذ يبيتُ الليلة التي تسبق البكالوريا عطشانَ جوعان، قلقاً حيران، مع أنه أعدّ العدّة للامتحان الذي يُكرَم المرء فيه أو يُهان، مكتفياً في ذلك بفهمه وذاكرته، غير معوّل على إنس ولا جان. طبعاً كان ذلك في قديم الزمان وسالف العصر والأوان.
أمّا اليوم وقد تبدّل الإنسان، وأصبح الزمان غير الزمان، وضربت الرداءة كلّ أساس وبنيان، وأصبحت هي المتنَ والعنوان، ولم يبق لقِيم العلم والعمل والاجتهاد والأمانة مكان، فقد أصبح التلميذ الكسلان يأوي إلى فراشه نعسان، بعد جولةٍ في الإنترنت بحثاً عمّا تسرّب من أسئلة الامتحان.
على وجه النوري ارتسمت علامات الحزن والشقاء، حتى خِلتُ أنه سيُجهش بالبكاء، وأضاف وقد بدا عليه الإعياء: اليوم رأيتُ حشوداً من أصحاب القبّعات الزرقاء والخضراء، ومركبات تجوب الأحياء، مفزِعةً الأموات والأحياء، فخمّنت أن في الأمر مصيبة وابتلاء، وقُلت إنها الحربُ وربّ السماء، ثمّ حملت الحذاء وهممتُ بأن أهيم في العراء، فضحكت النورية بسبب ما أبديتُه من غباء، وقالت: ليست حرباً شعواء، ولا مصيبةً نزلت من السماء. اليوم امتحان الفيزياء!
بعد جدل طويل وعقيم مع زوجتي الأمّية التي استماتت في تبرير القبضة الحديدية، على الامتحانات النهائية، والتصرّف كأنّنا في حرب كونية، فشلتُ في إقناعها بأنها إجراءات غبيةٌ، ستأتي بنتائج عكسية، بدليل أن الأسئلة تتسرّب كلّ عشية، على الشبكة العنكبوتية، والغشّ في تفشٍّ رغم التعزيزات الأمنية، وقَطع الاتصالات السلكية واللاسلكية. ومع ذلك، اعترفتُ للنورية بأن لها من العبقرية ما يؤهّلها لتكون وزيرةً للتربية الوطنية!
صدّقتُ أنها ليست حرباً ولا هم يحزنون. لكنني في المساء شاهدتُ على التلفزيون تلاميذ يبكون، وفي كلّ اتجاه يهيمون، أحدُهم كان يصرخ كالمجنون، وآخر متذمّرٌ لأنه وقع ضحية احتيال ملعون. حضّر الأجوبة بناءً على أسئلة مسرّبة، ثم اكتشف أن الأمر كذبة. هكذا قال المغبون، وأخرى كانت تصيحُ يا ربي نموت، وأخرى كانت تسبّ المدرسة والبلاد والسلطة والقانون.
وعلى فايسبوك شاهدتُ فيديو يُقارن بين تلميذ كوري جنوبي أوصلته الشرطة على درّاجة نارية إلى مركز الاختبار، وتلميذ جزائري أُقصي بسبب دقيقة “روطار”.
ضحكتُ خفيةً عن زوجتي النورية، صاحبة الأفكار البوليسية، خشية أن تبلّغ عنّي الجهات الأمنية، وقلتُ في قرارة نفسي: شتّان بين بكالوريا كوريا الجنوبية والبكالوريا الأمنية، في دولة سعداني المدنية، التي أصبحت أشبه ما تكون بكوريا الشمالية..
محمد علاوة حاجي-كاتب وصحافي
❊ أشباه الإعلاميين في الإعلام العمومي قالوا إن هذه مؤامرة ضد الوزيرة.. فإذا كان هؤلاء في الداخل باستطاعتهم إنجاز مؤامرة بهذا الحجم ولا تستطيع الوزارة والحكومة التصدي لها، فكيف يكون الحال عندما تتم المؤامرة ضد الجزائر، وحكومة الجزائر، من طرف “سداك” أو “سي آي إي”؟ إنه عذر أقبح من ذنب.
أما الإعلام الخاص البائس فقد طالب برحيل الوزيرة، والصحيح هو المطالبة برحيل من أتى بهذه الوزيرة بالمعريفة وليس بالكفاءة، ورحيل من أتت بهم هي أيضا بالمعريفة وليس بالكفاءة.
ما لا يعرفه الرأي العام هو أن الوزيرة “العبقرية” والعباقرة المحيطين بها تفننت عبقرياتهم في محاربة الغش بشراء آلات التشويش على الإنترنت، ونصبت هذه الآلات في العاصمة فقط، لأن الرداءة والفساد موجود في العاصمة، والغش أيضا في العاصمة، ولكن الغش حصل أيضا في شراء هذه الآلات، بحيث تبيّن أنها مغشوشة ولم تعمل كما يجب.
لا أستطيع أن أذكر كل ما أعرفه عن هذه “المهزلة” خوفا على”أمن واستقرار البلد”!
على وجه النوري ارتسمت علامات الحزن والشقاء، حتى خِلتُ أنه سيُجهش بالبكاء، وأضاف وقد بدا عليه الإعياء: اليوم رأيتُ حشوداً من أصحاب القبّعات الزرقاء والخضراء، ومركبات تجوب الأحياء، مفزِعةً الأموات والأحياء، فخمّنت أن في الأمر مصيبة وابتلاء، وقُلت إنها الحربُ وربّ السماء، ثمّ حملت الحذاء وهممتُ بأن أهيم في العراء، فضحكت النورية بسبب ما أبديتُه من غباء، وقالت: ليست حرباً شعواء، ولا مصيبةً نزلت من السماء. اليوم امتحان الفيزياء!
بعد جدل طويل وعقيم مع زوجتي الأمّية التي استماتت في تبرير القبضة الحديدية، على الامتحانات النهائية، والتصرّف كأنّنا في حرب كونية، فشلتُ في إقناعها بأنها إجراءات غبيةٌ، ستأتي بنتائج عكسية، بدليل أن الأسئلة تتسرّب كلّ عشية، على الشبكة العنكبوتية، والغشّ في تفشٍّ رغم التعزيزات الأمنية، وقَطع الاتصالات السلكية واللاسلكية. ومع ذلك، اعترفتُ للنورية بأن لها من العبقرية ما يؤهّلها لتكون وزيرةً للتربية الوطنية!
صدّقتُ أنها ليست حرباً ولا هم يحزنون. لكنني في المساء شاهدتُ على التلفزيون تلاميذ يبكون، وفي كلّ اتجاه يهيمون، أحدُهم كان يصرخ كالمجنون، وآخر متذمّرٌ لأنه وقع ضحية احتيال ملعون. حضّر الأجوبة بناءً على أسئلة مسرّبة، ثم اكتشف أن الأمر كذبة. هكذا قال المغبون، وأخرى كانت تصيحُ يا ربي نموت، وأخرى كانت تسبّ المدرسة والبلاد والسلطة والقانون.
وعلى فايسبوك شاهدتُ فيديو يُقارن بين تلميذ كوري جنوبي أوصلته الشرطة على درّاجة نارية إلى مركز الاختبار، وتلميذ جزائري أُقصي بسبب دقيقة “روطار”.
ضحكتُ خفيةً عن زوجتي النورية، صاحبة الأفكار البوليسية، خشية أن تبلّغ عنّي الجهات الأمنية، وقلتُ في قرارة نفسي: شتّان بين بكالوريا كوريا الجنوبية والبكالوريا الأمنية، في دولة سعداني المدنية، التي أصبحت أشبه ما تكون بكوريا الشمالية..
محمد علاوة حاجي-كاتب وصحافي
❊ أشباه الإعلاميين في الإعلام العمومي قالوا إن هذه مؤامرة ضد الوزيرة.. فإذا كان هؤلاء في الداخل باستطاعتهم إنجاز مؤامرة بهذا الحجم ولا تستطيع الوزارة والحكومة التصدي لها، فكيف يكون الحال عندما تتم المؤامرة ضد الجزائر، وحكومة الجزائر، من طرف “سداك” أو “سي آي إي”؟ إنه عذر أقبح من ذنب.
أما الإعلام الخاص البائس فقد طالب برحيل الوزيرة، والصحيح هو المطالبة برحيل من أتى بهذه الوزيرة بالمعريفة وليس بالكفاءة، ورحيل من أتت بهم هي أيضا بالمعريفة وليس بالكفاءة.
ما لا يعرفه الرأي العام هو أن الوزيرة “العبقرية” والعباقرة المحيطين بها تفننت عبقرياتهم في محاربة الغش بشراء آلات التشويش على الإنترنت، ونصبت هذه الآلات في العاصمة فقط، لأن الرداءة والفساد موجود في العاصمة، والغش أيضا في العاصمة، ولكن الغش حصل أيضا في شراء هذه الآلات، بحيث تبيّن أنها مغشوشة ولم تعمل كما يجب.
لا أستطيع أن أذكر كل ما أعرفه عن هذه “المهزلة” خوفا على”أمن واستقرار البلد”!
سعد بوعقبة